«ميتا فيرس».. قصة قصيرة للكاتب محمد كسبه

صورة أريشفية
صورة أريشفية

ارتدى نظارته ودخل إلى حسابه في العالم الإفتراضي الميتافيرس، ما هي إلا دقائق معدودة، تفاجأ برجال الشرطة يداهمون منزله ويقبضون عليه، تم إيداعه في السجن بتهمة الدعارة الإليكترونية، حيث أنه اشترى شقة من حسابه الجاري وقام بتجهيزها خصيصا لتكون مقرا للمواعدة، حيث يتم عرض الفتيات والرجال بمختلف مراحل العمر للمواعدة نظير أجر محدد من خلال جدول مسبق في العالم الافتراضي .

الخيال، والمتعة هي محركات ودوافع لإشباع كل اللذات والرغبات المكبوتة، افعل ما شئت كما تريد فلا عقاب ولا حساب ولا رادع، هذا ما كان يظنه.

تم حظره من أكثر من جهة وتم مراقبة نشاطه على الميتافرس وبسرعة تمت محاكمته بستة أشهر سجن في العالم الافتراضي .

ماذا أفعل الحياة الافتراضية في السجن مملة جدا، الحرية مقيدة، ولا مجال للفسحة أو التنزه، كل ممتلكاتي، سيارتي، أموالي وبيتي الكبير أيضا تمت مصادرته.

لم يعد متاحاً لدي حتى أن أقابل أقاربى أصدقائي الذين توفوا في الواقع، السجن الافتراضي أكثر قسوة من الواقع نفسه ويجب علي الالتزام بالقوانين لمدة ستة أشهر كاملة.

خلع النظارة وجلس حزيناً وحيداً في غرفته منعزلاً عن زوجته وأولاده ناقماً من الحياة الواقعية والافتراضية.

 المتعة واللذة التي كان يشعر بها مع صديقاته في الميتافيرس افتقدها وزوجته في الواقع لا تهتم به، أصبح كما مهملا في البيت، كل شغله الشاغل بعد أن يأتي من عمله في الشركة فقط تلبية احتياجات المنزل ثم ارتداء النظارة السحرية التي تحدث الفارق وتحقق الإثارة في عالم من الخيال، صنعه بمهارة فائقة اختار فيه كل المحرمات والشهوات التي لم يجروء على ممارستها في الواقع، فهو تجاوز الأربعين من عمره ذو بشرة سوداء، قصير، ثقيل اللسان ممتلئ الجسم، ضعيف الشخصية، كان دائماً محل تنمر الآخرين منذ صغره، عاش طفولته في فقر مدقع، كل شيء كان مفروضا عليه، لا مجال للاختيار، حتى حين تزوج لم يختر زوجته بل كانت من اختيار أمه .  

العالم الافتراضي أصبح كئيباً والواقع مخيب للآمال لا مجال أمامه إلا الانتحار للهروب من لعنة القدر.

داخل المستشفي فتح عينيه فوجد زوجته وابنه بجوار السرير فرحين مسرورين بنجاته من الموت بعد تناوله كمية كبيرة من الحبوب المخدرة.

ضمته إلى صدرها واحتضن ابنه الصغير ودار حوار

- الحمد لله على السلامة يا أبو أحمد .

الحمد لله، أين نظارة الميتافيرس؟ أين نظارتي؟

- النظارة، أنا حطمتها إنها لعنة، كنت بسببها سأصبح أرملة وافتقدك يا زوجي الحبيب؟

نظرت إليه بعطف وحنان وملست على شعره، قبلته ثم ضمته.

نظر إليها بتعجب فلم يكن يعرف قيمته عندها ولم يكن يعرف مقدار حبها له  .

حمد الله على سلامته بعد صراع مع الموت وقال فعلا إنها لعنة، ما أجمل الحياة مع ابني وزوجتي.